هل يكون “سيف العدل ” هو مبرر واشنطن لتوجيه ضربة لإيران بحجة انها    تطارد أمير القاعدة الجديد؟

فتحت واشنطن عبر وزارة خارجيتها مجددا ملف تنظيم  القاعدة ، وذلك عبر طرح  اشكالية  الى من الت اليه زعامة التنظيم بعد ايمن الظواهري الذي  كانت  واشنطن ادعت  العام الماضي انها قتلته  بهجوم صاروخي على منزله في كابول.

وقالت واشنطن ان معلوماتها المتقاطعة مع معلومات الأمم المتحدة تقول ان سيف العدل هو الذي خلف الظواهري..

وفي مغزى ثان يفسر  لماذا اختارت واشنطن هذه اللحظة للاعلان عن  تزعم سيف العدل لقيادة القاعدة، قالت الخارجية الأميركية  ان الاخير حسب معلوماتها  يقيم في ايران ، ما يشكل حسب الكلام الاميركي دليلا اخر على أن طهران توظف الارهاب في سياساتها الاقليمية؛ ووصف  وزير الخارجية الإيرانية  هذا الزعم الاميركي عن اقامة سيف العدل في إيران، بأنه مجرد اعلان مضلل.

والواقع انه عدا الاعلان الاميركي الذي قالت إن الأمم المتحدة تدعمه، لم يرد اي تأكيد اخر يثبت  مقتل الظواهري؛ علما أن تنظيم القاعدة بثت قبل فترة، وبعد تبني واشنطن اغتيال الظواهري، “شريط فيديو صوتي” نسبته للظواهري، وذلك في ايحاء بأنه لا يزال حيا .

.. غير ان مقتل الظواهري هو امر مؤكد،  بحسب مصادر قريبة يعتمد عليها في العادة لمعرفة ما يحدث داخل تنظيم القاعدة، ولكن ما هو غير مؤكد، هو كلام واشنطن عن ان سيف العدل ورث الظواهري؛ وايضا كلامها عن ان سيف العدل يقيم في ايران..

قراءة المزيد: هل يكون “سيف العدل ” هو مبرر واشنطن لتوجيه ضربة لإيران بحجة انها    تطارد أمير القاعدة الجديد؟

أما لماذ لم تعلن القاعدة  عن مقتل الظواهري، فإن ذلك  يعود  الى ان حركة طالبان لم ترد ان تتبنى مسؤولية استضافتها للظواهري في كابول خلال مرحلة توليه منصب امير القاعدة؛ ولذلك رفضت طالبان  الاعتراف بما قالته واشنطن عن انها قتلته في منزله في كابول؛ ولأن القاعدة تعتمد في تواجدها في افغانستان على حماية حركة  طالبان لها؛ فهي قررت مسايرتها ( اي طالبان)  بعدم الاعتراف بمقتل الظواهري..

 كما ان عدم اعتراف القاعدة  بمقتل الظواهري، يؤشر في جانب من خلفياته إلى حالة الاسترخاء التي  تسود بنية  القاعدة التنظيمية والمركزية منذ ما بعد غياب بن لادن ..

..  وبكل الاحوال، ووفقا لمختصين بشؤون الارهاب، فإنه بعد مقتل بن لادن ، لم يعد تنظيم القاعدة  هو ذاته لجهة انه ذاك التنظيم الحديدي والشديد المركزية.. والسبب هو ان بن لادن كان يحتكر كل امكانات القاعدة ومعظم اسرار شبكة خلاياها المنتشرة في انحاء العالم.. وعند موته اخذ معه بن لادن كل اسرار القاعدة وامواله، ولم يرث الظواهري منه الا لقب انه خليفته الذي لا يملك الا القليل من امكانات القاعدة المالية والبشرية..

أضف الى ذلك،  ان صعود نجم الدولة الاسلامية ( داعش) خلال العقد الاخير ، الحق بتنظيم القاعدة خسائر كبيرة على مستوى عديده، حيث عمد اهم كوادره الوسطيين، الى الالتحاق بداعش ..

ولكن من جهتها واشنطن يهمها اعلاميا ان تبقي الاضواء مسلطة على  القاعدة، بوصفها  لا تزال تملك جسدا تنظيميا له رأس مدبر ، وخلايا نائمة ومنفردة ( الذائب) هي عبارة عن اذرعه المنتشرة في كل انحاء العالم .. وهدف واشنطن من توزيع هذه الصورة عن القاعدة هو اظهارها أمام الرأي العام الأميركي بخاصة، والعالمي بعامة، على انها لا تزال عدوا جديا لاميركا، وليست نمرا من ورق .

أما لماذا تريد واشنطن ابقاء القاعدة داخل إطاريصورها على انها عدو مستديم ؛ فهذا يعود لسبب اساسي مفاده حرص أميركا على الاستمرار كل فترة بتوجيه ضربة مركزية لموقع الرأس في القاعدة ، اي اميرها؛ ومن ثم توزيع صورة هذا الإنجاز الأمني داخل اميركا،  على انه دليل على أن الولايات المتحدة الأميركية هي دولة لها القدرة المطلقة والدائمة على الانتقام من قتلة المواطنين الاميركيبن أينما وجدوا ومهما طال الزمن… 

والواقع ان واشنطن تعلم أن عملية ١١ سبتمبر التي نفذتها القاعدة في أميركا ، حفرت في وعي المواطن الأميركي اخدودا من التشوهات والتشكيك بقدرة الولايات المتحدة الأميركية  على حماية نفسها من الارهاب؛ وعليه فإن المستوى الامني والسياسي  الاميركي العميق ظل  يخطط دائما لأن يتم بين فترة واخرى توجيه ضربة معنوية مدوية لرأس القرار في القاعدة؛ ومن هنا  القرار بضرورة  قتل الظواهري بعد قتل بن لادن؛ علما ان كل المعطيات تقول ان الظواهري لم يكن حينما قتلته واشنطن ذاك الشخص الذي يشكل خطرا على اميركا ، لكونه في الفترة الاخيرة من حياته فقد القدرة على ادارة خلايا القاعدة حول العالم ، و حتى على  ادارة شؤونها المالية .. ولكن واشنطن تقصدت قتله، كي  تربح صورتها الاعلامية بنظر الرأي العام الاميركي،  بوصفها دولة قادرة على الانتقام المستديم؟؟ من قتلة مواطنيها..

.. وبمثلما ان القاعدة لم تعترف بمقتل الظواهري بعد اعلان واشنطن ذلك العام الماضي، فإنها الآن لم تعلق سلبا او ايجابا على الإعلان الاميركي عن ان سيف العدل هو من تبؤ منصب أمير القاعدة بعد مقتل الظواهري..

ومن حيث النسق المعروف عن البنية القيادة داخل القاعدة؛ فأن «سيف العدل»، و اسمه الحقيقي محمد صلاح الدين زيدان، هو من الأسماء التي كانت مرشحة لخلافة الظواهري، نظرا لتاريخه الطويل داخل مجتمع الحراك الجهادي العنفي والتكفيري. فسيف العدل كان بالاساس، عضوا بحركة «الجهاد» المصرية، وهي الجماعة الجهادية التي اندمجت رسمياً مع تنظيم «القاعدة» قبل هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وهو من قيادات «القاعدة» منذ فترة طويلة.

وحسب سيرته الشخصية في الإضبارات الاستخباراتية فإن «سيف العدل» يبلغ من العمر 62 عام ، وصنفه مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي بأنه  واحد من أكثر «الإرهابيين» المطلوبين في العالم، ورصد مكافأة لمن يرشد إلى مكان وجوده تبلغ قيمتها 10 ملايين دولار… وكانت صوره قد انتشرت  في وقت سابق، في مراكز حساسة ليصار للتعرف عليه في حال تواجد بها .

ومع حلول  عام 2014  كانت ظهرت وثيقة حددت الشخصيات المرشحة لـ«خلافة الظواهري» بعد توافق عناصر التنظيم عليها، وتضمنت أبو الخير المصري (قتل عام 2017)، وأبو محمد المصري (قتل في عام 2020)، وأبو بصير الوحيشي (قتل في عام 2015)، و«سيف العدل»؛ وهو الوحيد الذي لا يزال على قيد الحياة من بين كل قادة  القاعدة المرشحين لتولي مركز الأمير فيها..

.. ولا شك أن فتح ملف سيف العدل من قبل واشنطن في هذه اللحظة،  هو مقدمة تمهد من خلالها واشنطن إعلاميا وسياسبا لتنفيذ عملية مزدوجة الأهداف: فمن ناحية تزعم ان هذه العملية أدت إلى قتل اخر قيادي بالقاعدة من  الجيل المشارك بتخطيط عملية  ١١ سبتمبر.. ومن ناحية ثانية تستغل  واشنطن انها تملك  المبرر السياسي  لتنفيذ هذه العملية داخل ايران، كون الأخيرة بحسب الاتهام الاميركي المستند إلى اتهام الأمم المتحدة،  تستضيف سيف العدل .. ويبدو واضحا ان اميركا فعليا تقصدت اثارة موضوع إقامة سيف العدل في ايران كي تجد فرصة سانحة لتوجيه ضربة لإيران تحت ستار انها تمارس حقها بتصفية سيف العدل ..  وما يؤكد هذا التوقع حول نية واشنطن توجيه ضربة لإيران تحت ستار مطاردة سيف العدل، هو تقصد واشنطن اقحام الأمم المتحدة بموضوع  انها تملك معلومات حول وجود سيف العدل في ايران .. وتريد واشنطن من هذه الجزئية القول لاحقا ان ضربتها لإيران بحجة البحث عن سيف العدل،  كانت بناء على معلومات يوجد لها تتمة و مستند قانوني في الأمم المتحدة.

أضف تعليق