الجيل الرابع من تنظيم القاعدة يولد  داخل حرب أميركا الاوكرانية: أسلحة الغرب في أيدي  المجموعات الإرهابية

داخل أروقة قريبة من مؤسسات الأمن العربية الرسمية والبحثية، يثار نقاش عميق حول موضوع يتصف بأنه خطر ويحتاج الى معالجة على مستوى الجامعة العربية ووزارات الدفاع والداخلية العربية، نظرا لصلته الخطرة  بالأمن القومي العربي.

فحوى هذا النقاش يتعلق بتزايد القلق من  إتساع حجم إنتشار أنواع مختلفة من  الأسلحة الغربية في أوكرانيا؛ علما أن هذه الأسلحة يرسلها الغرب الى الجيش الأوكراني بغرض تنفيذ خطة واشنطن بشن حرب إستنزاف طويلة الأمد ضد روسيا في اوكرانيا؛ ولكن  المشكلة التي برزت الآن لدى مناصري خطة استنزاف روسيا، تتعلق بأن  هذه الأسلحة الغربية الفعالة  التي باتت موجودة  بكثافة في أوكرانيا، بدأت تشكل مشكلة لأمن منطقتي الشرق الأوسط و أوروبا؛ وذلك نتيجة تعاظم تسرب هذه الأسلحة  بشكل كبير  إلى المجموعات الأرهابية من أصول شرق اوسطية، وتجدر الإشارة إلى أن هذه المجموعات أما انها تتواجد حاليا داخل اوكرانيا بدعوى انها تقاتل إلى جانب الجيش الاوكراني ضد روسيا أو انها موجودة في دول عدة من العالم.

قراءة المزيد: الجيل الرابع من تنظيم القاعدة يولد  داخل حرب أميركا الاوكرانية: أسلحة الغرب في أيدي  المجموعات الإرهابية

أن هذا الواقع ينتج عنه نوعان من التهديدات :

الأول تهديد مباشر للأمن في منطقتي أوروبا والشرق الأوسط.

والثاني تهديد غير مباشر ومستقبلي يتمثل بان هؤلاء العناصر الارهابية سيمثلون خطرا على أمن  بلادهم حينما يعودون إليها بعد انتهاء مهمتهم الأميركية في أوكرانيا. 

وحتى الآن فإن المعلومات المتوفرة و المتعلقة بهذه القضية، باتت تكفي لإثارة قلق المنطقة  العميق، وباتت تشكل مستندا كافيا لجعل الجامعة العربية بشكل خاص، تتحرك  لوقف هذا الخطر المنطلق من اوكرانيا والمدعوم اميركيا ، على نحو مبكر .

وفيما تعرض ” ليزي” ،  جانبا من المعلومات المتوفرة عن التسرب  الكثيف للأسلحة الغربية الى أوكرانيا حيث تصل إلى أيدي  جماعات إرهابية؛ علما أن المسؤولية الأساسية  عن حصول هذا الأمر تقع على ثلاث فئات :

الفئة الأولى تتمثل بمنظومات الفساد الموجودة داخل الجيش الأوكراني وداخل بيئات جماعة الحكم في كييف التي تقوم ببيع هذه  الأسلحة الغربية إلى جماعات ارهابية بقصد تحقيق ثروات غير شرعية وشخصية. 

الفئة الثانية هي سياسات واشنطن والناتو  التي تكرر في أوكرانيا نفس سياسات واشنطن في أفغانستان التي نتج عنها ولادة الجيل الأول من تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن؛ وانذاك شجعت واشنطن وصول متطرفين إرهابيين إلى أفغانستان لقتال الاتحاد السوفياتي واستنزافه، واليوم تغض المخابرات الأميركية النظر،  بل وتشجع  وصول متطرفين إرهابيين من حول العالم إلى أوكرانيا  لاستنزاف روسيا، وتقوم واشنطن كما فعلت بافغانستان بصرف مليارات الدولارات لتمويل إرسال الأسلحة الغربية بكثافة الى أوكرانيا حيث بات يوجد فيها عش دبابير الإرهابيين الشرق أوسطيين.

الفئة الثالثة هي مافيات تجارة الأسلحة ذات الصلة بمنظمات الجريمة المنظمة والمنظمات الإرهابية ؛ إضافة إلى مجموعات الإرهاب العالمي التي تبحث بعد تفكيكها في سورية والعراق،  عن بلد آمن لها ، يلعب بالنسبة اليها نفس دور أفغانستان خلال حقبة الحرب الباردة. وواضح  أن أوكرانيا تمثل حاليا بالنسبة للجيل الرابع من تنظيم القاعدة، ملاذا وحيدا كي تعيد تجميع نفسها فيه، وذلك كون واشنطن لديها مصلحة في تجميع كل ارهابيي العالم في أوكرانيا لاعطاء فرصة لشن حرب استنزاف طويلة ضد روسيا .

لقد أدى تدفق السلاح الغربي إلى أوكرانيا إلى خلق منظومة للإتجار  غير الشرعي بالسلاح ، له صلة بالوضع الاوكراني ؛ وتضم هذه المنظومة مجموعات إرهابية و منظمات مسلحة غير رسمية،  بالإضافة الى جماعات جريمة الإتجار بالسلاح بشكل غير قانوني التي تلعب أدوار الوسيط بين مافيات كييف العسكرية والسياسية وبين مجموعات ارهابية داخل اوكرانيا وخارجها مهتمة بشراء هذا السلاح بطرق ملتوية.

ماذا عن الوقائع والمعلومات المتصلة بهذا الملف :

أولا – يتضح من المعلومات الموثوقة أن القسم الأكبر من  المسلحين الذين تتسرب إليهم هذه الأسلحة الغربية المباعة في أوكرانيا،  من قبل مافيات الجيش الاوكراني وجماعة الحكم في كييف،  هم أعضاء وعناصر  تنتمي  لمناطق مختلفة من العالم، وتم تسفيرها لأوكرانيا بطرق مختلفة طوال الأشهر الماضية؛ وهذه العناصر تقاتل في الوقت الحالي في صفوف القوات المسلحة الأوكرانية بدعم غربي لها غير مباشر . 

ويوجد بين هذه العناصر العديد من المهاجرين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذين يلتزمون بالفكر المتطرف، وهم يعمدون حاليا الى القتال في أوكرانيا ضمن أجندة خاصة بهم، وهي إستغلال فترة السماح الأميركية لوجودهم في أوكرانيا،  من اجل إكتساب الخبرة القتالية بفعل انهم  منخرطون  بالعمليات العسكرية التي ينفذها الجيش الأوكراني في هذه الآونة . وبذهن هؤلاء  الإرهابيين أنهم سيكون بإمكانهم الإفادة من هذه الخبرة القتالية بعد عودتهم الى بلادهم حيث هناك توجد  أهدافهم الحقيقة.

ثانيا – تجري حاليا بين ظهراني الجيش الأوكراني عمليات تعزيز العلاقات بين هؤلاء الإرهابيين المهاجرين من الشرق الأوسط وأفريقيا  إلى أوكرانيا،  وبين   أشخاص لديهم نفس تفكيرهم المتطرف يتواجدون  في دول مختلفة من العالم ومنها الدول الاوروبية ؛ و تتم  دعوة هؤلاء الأخيرين  للمجيئ بطرق غير شرعية الى اوكرانيا والإقامة فيها؛ لإنشاء أوسع جبهة علاقات إرهابية، خاصة وأن هذا الأمر يمكن إنجازه اليوم في أوكرانيا نظرا لأن واشنطن تغطي عملية وجود العناصر الارهابية في هذا البلد لدعم الجيش الاوكراني في حربه ضد روسيا.

 ويمكن وصف هذا المشهد الراهن الذي يسود أوكرانيا، بأنه يشبه إلى حد بعيد مشهد أفغانستان حينما شجعت واشنطن تحويلها إلى مستودع تم فيه  تجميع أكبر كم من العناصر التكفيرية المتشددة التي تم تسهيل سفرها إلى هناك من مختلف أنحاء العالم .

أن خطورة هذا التصرف الأميركي،  تكمن في أن واشنطن تكرر من خلاله،  نفس خطيئة ما حصل في أفغانستان جراء أنها شجعت ولادة حالة إرهابية تكفيرية لتستنزف بها الاتحاد السوفياتي حينها، ولكن هذه الحالة قامت بتوجيه إرهابها لاحقا لكل دول المنطقة والعالم،  وحتى الى داخل الولايات المتحدة الأميركية ذاتها ( عملية ١١ سبتمبر)  .  ومن البديهي في هذه اللحظة توقع أن  هؤلاء الإرهابيين سيعودون مع حلول  اللحظة المناسبة لهم ، إلى بلادهم لينفذوا هناك عمليات ارهابية بهدف السيطرة على الحكم وهز استقرار العالم.

والخلاصة الاساسية في هذا المجال تؤشر الى  أن خطط التسليح الغربي الكثيفة والمتفلتة لأوكرانيا، إنما تؤسس إلى مرحلة لاحقة تمنح مشروع الإرهاب التكفيري طفرة تأسيسية جديدة.

والواقع ان حلف الناتو من خلال أفعاله هذه ( إرسال أسلحة غربية لاوكرانيا من  دون التدقيق بموضوع تسربها لارهابيين ، وغض الطرف عن  وصول المرتزقة المتطرفين للقتال في اوكرانيا ضد الجيش الروسي)  إنما  يدعم الإرهاب؛ ويؤسس لان تتحول أوكرانيا إلى أفغانستان ثانية ينطلق منها الجيل الرابع من تنظيم القاعدة.  

ثالثا –  أن هذا الواقع الخطر ،  دفع وكالة تطبيق القانون الأوروبية (  اليوروبول) إلى إصدار بيان لفت فيه  إلى ضرورة العمل من أجل تتبع مسار تهريب الأسلحة  من أوكرانيا إلى داخل دول الإتحاد الاوروبي، ودعا إلى ضرورة العمل لتخفيف  خطر تهريب الأسلحة من أوكرانيا  إلى داخل دول  الإتحاد الأوروبي.

ورغم أن وكالة ” اليوروبول ” حاولت لأسباب سياسية تتعلق بإنحيازها لواشنطن،التخفيف من حدة كلامها عن هذه الظاهرة،الا أن مجرد إصدار بيان من قبلها بهذا الشأن، يعتبر دليلا حاسما على أنه لم يعد يمكن لاوروبا تجاهل خطورة هذه المشكلة على الأمن الداخلي الأوروبي.

 ولعل اخطر فقرة في بيان  وكالة اليوروبول هو تحذيرها من  أن كل الملاحظات المجمعة من تجارب الحروب  الماضية في مناطق مختلفة من العالم،  تظهر وجود إحتمال أن تصل الأسلحة الى الجهات الخطأ ( يقصد البيان الايادي الارهابية) ؛ وحذر  اليوروبول  من”  أن انتشار الأسلحة النارية والمتفجرات في أوكرانيا يمكن أن يؤدي إلى زيادة منسوب تهريب الأسلحة  والذخائر  إلى الاتحاد الأوروبي عبر طرق التهريب أو عبر منصات الإنترنت. و قد يصبح  هذا التهديد  أعلى، عندما ينتهي  الصراع في اوكرانيا” .

واضح أن بيان وكالة اليوروبول يحذر بشكل غير مباشر  من أن  المشهد الافغاني الذي انتج تنظيم  القاعدة؛ قد يتكرر  في اوكرانيا فيما لو لم يتحرك الغرب  لضبط عمليات التسليح الكثيف والمتفلت لاوكرانيا. 

ومن المعلومات التي إثارت القلق ايضا في هذا المجال ، هو ما أعلنته  مفوضة الشؤون الداخلية بالإتحاد الأوروبي إيلفا يوهانسون عن إنشاء مركز في مولدوفا لمحاربة الجريمة المنظمة؛ وبخاصة لمكافحة ظاهرة تهريب الأسلحة من أوكرانيا.

ومجرد تركيز مركز دعم الاتحاد الأوروبي للأمن الداخلي وإدارة الحدود،  على قضية منع تهريب الأسلحة من أوكرانيا، فهذا يعني أن هذا الملف أصبح يشكل  تحديا ماثلا للأمن القومي الأوروبي.

وكان لافتا الوصف الذي أستعمله المركزعينه لعمليات تهريب الأسلحة من أوكرانيا، حيث قال أن مثل هذا التهريب “سيغذي العنف في الشبكات الإجرامية في الاتحاد الأوروبي”.واعترف انه بات  من الصعب حاليا تجنب تهريب الأسلحة، وكل ما يمكن  فعله من قبل  أوروبا الآن، هو محاولة تعقب شبكات التهريب”؛ و لكن مسؤولا في  المركز قال لصحيفة فرنسية، أن ” كل من يدعي أنه سينجح في مهمة التعقب ووقف تهريب الأسلحة من أوكرانيا إلى أوروبا،  إنما هو يكذب” ؛ وذكر المسؤول عينه  كيف فشلت أوروبا في تحقيق ذات هدف منع تسرب الأسلحة الى أوروبا بعد الحرب في يوغوسلافيا “

رابعا – تبين المعلومات ان مولدوفا تمثل المكان الذي، تنشط فيه بشكل مركزي عمليات تهريب السلاح من اوكرانيا الى الخارج . وفي تعليق له على هذا الملف لفت وزير الهجرة السويدي أندرس يغمان إلى أمرين أثنين : الأول  إن معظم الأسلحة الغربية  الموردة الى اوكرانيا، تصل إلى أيدي  الجيش الأوكراني. وما يريد يغمان الاشارة اليه ولو تلميحا هو ان الجيش الأوكراني يُعد المصدر الأساسي لعمليات تهريب السلاح.

الأمر الثاني هو تكراره لتحذير رئيس الإنتربول يورغن ستوك بخصوص  أنه “بمجرد أن تصمت المدافع في اوكرانيا ،فأنه ستظهر  الأسلحة غير القانونية المهربة من اوكرانيا،  في أوروبا ومناطق عدة من العالم “.

ويقول  ستوك  انه “يجب على أوروبا والعالم أن يشعروا  بالقلق، وعلينا جميعا أن نتوقع تهريب هذه الاسلحة الى الدول المجاورة والقارات الاخرى”.

خامسا : معظم التقارير التي تتحدث عن إحتمال وصول السلاح الغربي الموجود حاليا في أوكرانيا إلى الايادي الخاطئة (أي إلى الإرهابيين حول العالم )، تركز على أمر تعتبره هاما وهو أن أوكرانيا لديها تاريخ طويل من تجارة الأسلحة غير المشروعة ، وأبرزها حالة السفينة MV Faina ، وهي سفينة شحن أوكرانية تم القبض عليها لتهريب الدبابات والمدفعية وبنادق هجومية من طراز AKM إلى السودان في عام 2009 – والتي ظهرت عندما تم القبض على السفينة  من قبل قراصنة صوماليين.

أن كل هذه التحذيرات من أخطار تهريب السلاح من أوكرانيا،  يأتي في لحظة يعمد فيها الرئيس الأوكراني زيلينسكي الى توجيه ما يسميه بنداءات جديدة عاجلة لتعزيز إمدادات الأسلحة والذخيرة الغربية إلى أوكرانيا  للمساعدة في مواجهة صد الهجوم الروسي في شرق البلاد وجنوبها.

بات واضحا للكثير من مراكز مكافحة تهريب السلاح حول العالم،  وهيئات مكافحة وصول السلاح إلى أيادي الإرهابيين،  أن الرئيس الأوكراني زيلينسكي عبر حثه الغرب لإرسال المزيد من شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا بحجة استخدامها في  وقف التقدم الروسي،  إنما يريد خدمة أنشطة منظومات شبكات تهريب الأسلحة غير الشرعية التي لديها تداخل مصالح مع حكام كييف وقيادات نافذة في  الجيش الأوكراني التي تشرف بحسب العديد من المعلومات المفتوحة، على أنواع عدة من عمليات تهريب الأسلحة وبيعها.

وكانت هيئة الشرطة الأوروبية يوروبول، كشفت بالمعلومات عن أنواع تجري على مستوى عمليات تهريب السلاح من اوكرانيا، وايضا على مستوى بيع السلاح أو الترويج لبيع السلاح  بشكل غير قانوني .  وقوامها التالي:

–  حالات تهريب أسلحة نارية وسلع عسكرية عبر السوق السوداء.

–  وجود حالات بيع أسلحة ثقيلة، وكل هذه المؤشرات تدفع للخشية في “خطر الوقوع في أحضان إرهابيي الجريمة المنظمة ”، سيما وأنه تمت مشاهدة أفراد يغادرون أوكرانيا بأسلحة نارية.

–  هناك مخاوف من إحتمال تخزين الأسلحة والذخيرة على طول الحدود الأوكرانية لتهريبها لاحقًا إلى دول الاتحاد الأوروبي.

– بروز إعلانات على الشبكة المظلمة حول بيع نظام الرمح المضاد للدبابات.

– ما نقلته هيئة الإذاعة والتلفزيون SWR نقلاً عن وثيقة سرية من europol من  أن الجماعات الإجرامية تنشط في المنطقة وتنفذ أو تخطط لتهريب كميات كبيرة من الأسلحة النارية والذخيرة ، بما في ذلك الذخيرة الحية.

أضف تعليق