المنازلة بين “سيف القدس” و”حراس الأسوار”: حرب على الهوية وصراع على مرحلة ما بعد نهاية العالم

تصل الرواية الدينية في الحرب الدائرة اليوم فوق كل مساحة فلسطين التاريخية الى ذروتها، فالتسميات التي تم إطلاقها على العمليات الحربية من كلا الجانبين، ( “سيف القدس” بالنسبة لحماس، و”حراس الأسوار”، بالنسبة للإسرائيليين)، تؤشر الى خلفية دينية لكل منهما، هي التي توجه العقيدة الدينية لقتالهما. ولا تمثل هذه الخلفية الدينية، خلفية إيمانية غيبية فقط، بل تتضمن توجيهاً لكل منهما من خلال سردية دينية محددة متوارثة، وكل طرف يعتقد بأن سرديته الدينية هي التي ستتحقق على أرض الواقع في النهاية، في كل من القدس والمسجد الأقصى، وستكون مشهد خاتمة النصر وانتهاء مرحلة في الحياة المعاشة وولادة حياة يدشنها المخلص المنتظر من قبل كليهما ( المسلمون واليهود).

حماس من جانبها أطلقت على حربها “سيف القدس”، وإسرائيل سمت حربها ب”حراس الأسوار”. وتقول كلتا التسميتين، أن الحرب تدور حول “أسوار المدينة”،وستستمر على جولات  حتى يحسم واحد من طرفيها دخوله اليها، وإعلان النصر.

وبالنسبة للسردية الدينية اليهودية، فإن إحتلال إسرائيل للقدس، لا يعني نهاية المعركة فيها، بل الهدف النهائي يكتمل ببناء الهيكل مكان المسجد الاقصى، وأهمية هذا الإنجاز تقع في  أنه من دون تحققه، بحسب السردية الدينية الغيبية اليهودية، لن يظهر المخلص الذي ينتظره اليهود المتدينون والمسيحيون الصهاينة. أن الإنتظار الديني للخلاص عند اليهود سيحصل في المسجد الاقصى والقدس، ولكن بشرط إنجاز هدمهما، وبناء  الهيكل مكانهما.. ومن جانبها ، فإن حماس لا تنظر الى القدس فقط كعاصمة لفلسطين، بل تقول الرواية الدينية أن آخر الزمان سيحصل فيها، وحينها ستسود العدالة على الأرض.

إقرأ المزيد

الناتو يسعى لتوريط دول المنطقة بتحالفات تخدم ضغوط واشنطن على الصين وروسيا

بعد عقود من تعاقب الإدارات الأميركية التي جاءت في مرحلة ما بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي، تبين أنها جميعها كانت تبحث عن بلورة صورة عدو جديد للولايات المتحدة الأميركية، حتى تستطيع من خلال الإدعاء بوجوده أن تنشر نفوذها التدخلي المباشر على مناطق العالم تحت مبرر انها تسعى للتواجد لحماية مصالحها من “العدو الجديد “. ولقد حددت الإدارات الأميركية هذا العدو الجديد بأنه “الإرهاب بنسخه المختلفة” من نسخة القاعدة بزعامة اسامة بن لادن، الى نسخة الدولة الإسلامية – داعش.

وتبين أن الإستراتيجية الأميركية توظف سياسة التخويف من الإرهاب حتى تقوم بتشكيل تحالفات عسكرية بقيادتها مع الناتو، في غير منطقة من العالم، وذلك بدعوى القيام بمحاربته وقتاله وقطع دابره.

لقد شهد الشرق الأوسط هذه التجربة منذ فترة طويلة، والكثير من دوله دفعت من سيادتها ومن أمنها ثمن تموضع التحالفات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة والناتو في أراضيها، أو ثمن تدخلاتها في أزماتها تحت حجة المساعدة على حلها أو محاربة الإرهاب.

إقرأ المزيد