طرابلس : عاصمة لبنان الثانية وعاصمة الفقر الأولى على المتوسط

ترتبط ذاكرة مدينة طرابلس في شمال لبنان، بكل تحولات أحداث المنطقة الكبرى التي كان لها إنعكاسات حادة على لبنان. وبالأساس فان هذه المدينة عاشت مع بدايات إعلان إستقلال لبنان في النصف الأول من القرن الماضي، إشكالية هوية، وذلك بين بعدها  الإجتماعي الوثيق الصلة بسورية، وبين بعدها اللبناني الذي صاغته لعبة الأمم بعد هزيمة تركيا في الحرب العالمية الثانية.

.. ولفترة غير قصيرة، ظلت طرابلس تعاند وقائع ضم الأقضية الأربعة الى جبل لبنان، ولم يتم إستيعابها ضمن معادلة أنها العاصمة الثانية في دولة لبنان الكبير، إلا بعد مضى وقت غير قصير. وخلال حضور طرابلس كجزء من لبنان، وكعاصمة للشمال اللبناني، عانت هذه المدينة من هشاشة علاقة المركز في دولة لبنان، أي جبل لبنان وبيروت، مع مناطق الأطراف اللبنانية. وفيما كان جنوب لبنان منطقة محاصرة بالحرمان، والتهميش السياسي ضمن معادلة حكم صيغة ال 43، فإن شمال لبنان، عانى من فقر مزمن، ومن إرتباط واقع الإستقرار فيه، بما يحدث من صراعات عربية فوق الساحة اللبنانية. وكان دائما الحدث السوري له تتمة وصدى في طرابلس، فقبل جولات العنف ال15 التي حدثت في طرابلس عام 2015 نتيجة إنعكاسات الأحداث السورية الدامية عليها، كانت عاصمة الشمال اللبناني، شهدت صراعاً عسكرياً بين الجيش السوري من جهة، وتحالف قوات ياسر عرفات والجماعات الإسلامية السنية من جهة ثانية (سنة 1983-1986).

إقرأ المزيد

الجزائر بين إستفزازات ترامب وإستراتيجية بايدن

مع وصول الرئيس الأميركي بايدن الى البيت الأبيض، تفاعل ملف العلاقة الأميركية الجزائرية، وذلك من منظار السؤال التالي:هل ان الإدارة الأميركية الجديدة لديها إستراتيجية مغايرة لتلك التي كانت إدارة ترامب تتبعها بخصوص الجزائر، أم أن موقف واشنطن من هذا البلد تحدده مصالح إستراتيجية أميركية ثابتة، تتغير فقط تكتيكات تنفيذها، ولكن جوهرها يظل قائماً، بغض النظر عن إختلاف الإدارات الأميركية؟

والمتتبع لمراحل العلاقة الأميركية – الجزائرية كما سارت خلال الفترة الأخيرة، يلاحظ أنها دخلت خلال عهد إدارة ترامب بجملة عمليات ضغوط على الجزائر، كان أوضحها التالي:

أولا – في الملف الليبي الذي تعتبره الجزائر ملفا على صلة وثيقة بأمنها القومي، رفضت واشنطن بقوة أن يشغل منصب المبعوث الأممي للأزمة الليبية، شخصية جزائرية.

ثانيا- في قضية الصحراء الغربية التي تعتبر الجزائر ان حق شعبها بتقرير مصيرها، هو من ثوابت السياسة الجزائرية الإقليمية، قام ترامب بضرب هذه الثابتة الإستراتيجية الجزائرية وأقر سيادة المغرب على الصحراء الغربية.

إقرأ المزيد

مناورة تركيا تجاه إسرائيل في بحر شرق المتوسط

منذ بدايات العام الماضي قال أردوغان أن تركيا لن تتخلى عن ما أسماه حقوقها في بحر شرق المتوسط. وقال: ” حتى تكون على الطاولة يجب ان تكون في الميدان”.

لقد قرأت تركيا تحركات دول متشاطئة في المتوسط بمثابة محاولات من قبل هذه الدول لتضخيم مناطقها الخالصة، على حساب حقوق تركيا في غاز شرق بحر المتوسط ،  وذلك بدعم من الإتحاد الاوروبي وواشنطن، حيث أن الأخيرة بعد الإنقلاب الفاشل على أردوغان باتت تريد تحجيم مناورات انقرة التي أخذت ترسم هوامش لها بين حدود علاقاتها بالناتو وحدود علاقاتها مع كل من روسيا وإيران. وجاء تشكيل منتدى شرق البحر المتوسط للغاز في القاهرة في يناير 2019 ، الذي يضم مصر وإسرائيل واليونان وقبرص اليونانية وفلسطين والأردن، ولم تدع تركيا اليه، ليعطي إشارة لتركيا بأن كل ما يحصل في المتوسط هدفه تقليص مناطقها الخالصة المستحقة لها، من وجهة نظرها.

الضربة النوعية في حربه في بحر شرق المتوسط التي قام بها أردوغان، تمثلت بتوقيع تركيا إتفاق ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا ممثلة بحكومة السراج المعترف بها من الامم المتحدة. وارادت ليبيا من هذه الإتفاقية التي دعتمها بتواجد عسكري مباشر لها في ليبيا، وبتسيير سفن تنقيب عن الغاز قبالة شواطئ اليونان، توجيه رسالة تفيد بأمرين إستراتيجيين لهما علاقة بحرب تركيا في بحر شرق المتوسط:

إقرأ المزيد

واشنطن وإستراتيجية “الخديعة المسمومة” لأرمينيا

يوم 27 أكتوير الماضي، وحينما كان جيش أذربيجان يقتحم في هجومه مناطق في كاره باغ، ظهرت شركة غير معروفة لتعلن إنتصارها، وبدا بيان الشركة لافت إذ جاء من خارج سياق مسار الأحداث المباشرة ذات الصلة بما يجري على  جبهة كاره باغ. ولكن تشرح الشركة ما تعنيه بالإنتصار الذي حققته، إذ أعتبرت ان تسليم ارمينيا منطقة زنجيلان لأذربيجان، سيعيد اليها منجماً من الذهب حصلت سابقاً على عقد بشان التنقيب فيه من الحكومة الأذربيجانية.

وتصبح دلالات هذا الخبر واضحة أكثر، عندما يتبين أن هذه الشركة هي ” أنغلو أسيان ماينينغ” ،وهي شركة أنغلو اسيوية، وأن منطقة زنجيلان هي واحدة من سبع مقاطعات في اذربيجان كانت استولت عليها ارمينيا في تسعينات القرن الماضي في منطقة كاره باغ، لتستخدمها كعازل ضد الهجمات الأذربيجانية. وتقع منطقة زنجيلان في الشريط الحدودي الأمني بين كاره باغ وأذريبجان، والأهم أن هذه المنطقة تحتوي على مناجم ذهب (فجنالي). ولقد حصلت شركة “أنغلو آسيان ماينينغ”(Anglo Asian Mining ) من الحكومة الأذرية، سنة  1997، على حق التنقيب في هذا المنجم الذي تقدر أرباحه السنوية  بنحو  250 مليون دولار.

في الظاهر فإن هذه الشركة مسجلة في بريطانيا، ولكن في حقيقة الأمر فإنها مملوكة من الأميركيين. وأحد مالكيها هو جون هنري سنونو، وهو سياسي ورئيس أركان إداراة جورج بوش – الأب،  سابقاً، وكان حاكماً سابقاً لولاية نيو هامشير بين 1989 – 1991. ويملك سنونو عشرة بالمئة من شركة أنغلو آسيان، أي ما قيمته 20 مليون دولار.  وكريستوفرسنونو نجل جون سنونو، هو الحاكم الحالي للولاية. فيما نجل سنونو الثاني هو عضو في مجلس الشيوخ. وتوضح هذه التوزيعة للمناصب لسنونو وعائلته، مدى إقتدار نفوذه داخل إدارات القرار الأميركي.

إقرأ المزيد